العلاج الطبيعي بالأسماك

     عرف العلاج الطبيعي بالاسماك عالميا منذ عام 1900 خصوصا لبعض الامراض الجلدية المستعصية الشفاء بالطرق الطبية التقليدية التي اعتمدت على المراهم  و الغسولات و الاشعة…الخ  مثل الصدفية و الاكزيما ، و في عام 1917 و عن طريق الصدفة ادلى راعي تركي رجليه في نبع ماء ساخن في منطقة بحيرات الكنجال التركية و راح يراقب نوع من الاسماك الصغيرة و التي تجمعت بالمئات على رجليه للقضاء و التهام ما تبقى منه اثار الجروج و الجلد المتيبس والتئام الجروج بسرعة بعد تعرضه لهذه الاسماك مما سجل اعجوبة في العالم في ذلك الوقت.
و اصبحت هذا النوع من الاسماك معروفا كأسماك علاجية منذ الخمسينيات من القرن الماضي ، ثم بدأت تنتشر و تأخذ سمعتها العلاجية منذ عام 1963 عندما فتحت احواض الكنجال ( و هي بلدة صغيرة في تركيا ) لتستقبل المرضى من كل انحاء العالم ، حتى ذاع صيتها و اشتهرت بالاسماك العلاجية او الطبيب السمكة.
ان الاسماك العاملة في مجال العلاج الطبيعي هي من انواع الاسماك التي تعيش في المياه العذبة ،و درجة حموضة 7.2 و درجة حرارة تصل الى 34م على مدار السنة ، و يمكن لهذه الاسماك ان تتحمل درجات حرارة تصل الى 43م . و اشهر انواع هذه الاسماك هو نوعين من العائلة الشبوطية    و هي :     Cyprinidae
   و تعرف باللاسماك المهاجمة و يصل طولها ما بين 15- 20سم، وCyprinion macrostomus
و لها فم طرفي ،و على جانبي الجسم  من ست الى ثماني خطوط  داكنة نسبيا تتوزع بمساحات مختلفة على جوانب الجسم.

 
 

و يلاحظ من الصورة تجمع الاسماك الصغيرة حول الاقدام و مزاولة عملها في تنظيف الارجل من الجلد المتيبس و الفطريات المسببة للكثير من الامراض الجلدية المختلفة.
اما النوع الثاني فيعرف باللاعق او الماص او الثرثار و يعرف في العراق بالكركور و هو Gara rufa ، و يصل طول هذه الاسماك الى اقل من 10سم ، و لها فم هلالي الشكل يشبه الممص ، و هي انشط من النوع الاول في علاج الامراض الجلدية خصوصا الصدفية، اذ تسمى في بريطانيا بالاسماك العلاجية او السمكة الطبيب و التي اصبحت منتشرة في اماكن عديدة من العالم.
 

 

سمكة الكارا روفا Gara rufa .
و تتغذى هذه الاسماك على الخلايا المتضررة و الميتة من جلد المرضى الذين يعانون من مرض الصدفية و امراض اخرى و لا تتغذى على خلايا الجلد السليم. و تنتشر هذه الاسماك في الشرق الاوسط تحديدا في تركيا و العراق و سوريا و ايران ، اذ تتكاثر في المناطق الضحلة نسبيا و الهادئة من الانهار العذبة ، و لا تعد من الاسماك العدائية مطلقا.

   

و يلاحظ من الصورة احد المصابين بمرض الصدفية و هو يتلقى الجلسة العلاجية مع اسماك الكارا و قد تجمعت حول الاجزاء المصابة من الجلد و تعمل على علاجها و تخليص الجلد من الخلايا التالفة و المتضررة.
و منذ عام 2006 و اسماك العلاج تأخذ مكانتها الطبيعية في المنتجعات الصحية المنتشرة عالميا في بعض الدول مثل اليابان و ماليزيا و الصين و هولندا و سنغافوره و كوريا الجنوبية و تركيا و كرواتيا و ولاية فرجينيا الامريكية. اذ يقصد المرضى الذين يأسو من العلاج بالطرق التقليدية من بعض الامراض الجلدية هذه المنتجعات المنتشرة حول العالم ، خصوصا ان بعض دول العالم بدأت تخصص نوع من المقاهي الخاصة بهذه الطرق من العلاج الطبيعي. و ان لم يحصلوا على الشفاء التام في زيارة او عدة زيارات فأنهم و لا شك سوف يجدون الراحة . و لوحظ ان اغلب المرضى بعد عدة زيارات قد شفوا تماما من هذه الامراض ، و خاصة مرض الصدفية و الاكزيما.و لقد اجرى مجموعة من الاطباء  من كلية الطب  من جامعة كمهوريت-سيفاس المجاورة لاقليم الكنجال التركي و بالتعاون مع بعض علماء علم الاحياء دراسة على اسماك العلاج هذه و كانت النتائج :
تعمل الاسماك المعالجة كما يعمل العلق الطبي المعروف اعتمادا على اللعاب الذي تفرزه اثناء عملية التعامل مع الجلد المصاب ، اذ يحتوي هذا اللعاب على نوعين من الانزيمات التي تعمل على تجديد خلايا الجلد و تنشيطها.و قد شملت الدراسة ايضا تتبع احوال انواع من الامراض التي شاركت في تلك الدراسة و تبين ان استخدام الاسماك في العلاج يفيد الانواع التالية من الامراض:
مرض الصدفية
مرض الاكزيما
الروماتيزم
الاضطرابات العصبية الناتجة من الشلل و الام المفاصل
الام العظام و العضلات الناتجة من التجبير بسبب الكسور و التهاب الاعصاب
الاضطرابات النفسية و الجسمية خصوصا للمصابين الكبار في السن و الذين لا يتحملون العلاجات الطبية الحديثة لهذه الامراض بسبب التقدم في السن
الامراض الجلدية المجهولة و التي لم يفلح معها العلاج الطبي الحديث.

      

عادة لا يتم تقديم الغذاء لهذه الاسماك في تلك المنتجعات اذ يتم حرمان هذه الاسماك من الغذاء لمدة تصل الى اكثر من 20 يوم حتى تقبل على المرضى بنهم شديد و الحصول على غذائها المفضل و هو الخلايا التالفة و الميتة و المتضررة من جلد المرضى المصابين بهذه الامراض ، اذ يؤثر الجوع و الحرارة الدافئة لهذه المياه على الكيمياء الحياتية لاجسام هذه الاسماك ، اذ تقضم الخلايا التالفة لهذه الجلود المصابة .و مع استمرار الجلسات التي تصل ما بين 30 – 45 دقيقة يسبب قضم الاسماك المتتالي للجلد احمرار و نزف بسيط للشعيرات الدموية السطحية مع تعرضها لضوء الشمس و دفء المياه.
و لا يخفى ما في ذلك من تنشيط لخلايا الجلد السليمة ، بالاضافة الى ان عملية القضم المستمر لخلايا الجلد ينتج عنها تصريف للتقيحات و القشور المتقيحة ، في الوقت الذي يغطي لعابها تلك المنطقة من الجلد و الذي يحتوي على عدة مواد منها :
انزيم كلوتاثيون اوكسيديز الذي يفيد و يقوي خلايا الجلد السليمة . و من هنا تظهر قدرة الباري عز و جل في شفاء الناس و المعجزات التي يهديها للناس لعلهم يتفكرون.

م.محمد عناد غزوان

Comments are disabled.