مشاركة 

شارك متحف التاريخ الطبيعي في الندوة العلمية ندوة قسم الآثار- كلية الاداب – جامعة بغدادوقد شارك من متحفنا أ. م. د. عقيل عباس احمد ببحثه الموسوم: (البيئة الطبيعية واهميتها الآثارية في اهوار جنوبي العراق)
واشار، في بحثه، الى وجود علاقة وثيقة بين البيئة الطبيعية والمواقع الآثارية ،  والبيئة الطبيعية لها تأثير كبير على ثقافة الانسان وطريقة معيشته . و التي تتكون من التنوع الجيولوجي الذي يضم الصخور والمعادن ، والاشكال الارضية ، وانواع التربة والموارد المائية ؛ والتنوع البيولوجي الذي يضم النباتات والحيوانات.  
ويختار الانسان القديم مواقع استيطانه في البيئات الطبيعية التي توفر له الموارد الطبيعية الاساسية التي تلبي احتياجاته اليومية مثل الماء و الطعام ، ومواد البناء ، واحتياجاته الاخرى الى جانب توفير الحماية له من اي خطر محتمل ، وتؤكد الحكمة السومرية ( تربة ومياه يعني خير وسعادة ) . 
الصخور : كانت بلاد مابين النهرين مهدا للحضارات القديمة في العصور الحجرية القديمة ، وقد تم العثور على العديد من الادوات الحجرية في بعض المواقع العراقية في شمالي ، ووسط ، وجنوبي العراق وكذلك في الدول المجاورة . وكان تجار سومر ، وبابل ، واشور يقومون بالتجارة مع كثير من الدول ، لاستيراد المعادن ، والاحجار ومواد اخرى  من مناطق الخليج ، وايران ، وافغانستان ، والاناضول ، وشرق البحر الابيض المتوسط ، ومصر . ولوحظ في بعض المواقع الآثارية الموجودة في السهل الرسوبي ، الذي يتكون من رواسب رملية وغرينية وطينية ، وجود ادوات حجرية مصنوعة من صخور صلبة متنوعة مثل الصخور الكلسية والرملية والصوان والمدملكات والتراخايت والبازلت والدولورايت وصخور الكوارتزايت . وهذه الصخور منقولة الى السهل الرسوبي من مناطق اخرى ، مما يساعد في الدلالة على وجود تبادل تجاري وثقافي بين سكان ما بين النهرين والمناطق المصدر المجهزة لهذه الصخور . 
البازلت : على الرغم من وجود حجر البازلت في العديد من المواقع الآثارية العراقية في غرب ، ووسط وجنوب العراق ؛ الا انه غير موجود بصورة طبيعية في المواقع المذكورة وانما منقول اليها من قبل الانسان القديم لتصنيعه واستعماله كادوات حجرية . ويمكن دراسة معدنية هذا الحجر باستعمال المجهر المستقطب ، والاشعة السينية الحائدة (XRD) لدراسة المكونات المعدنية ؛ و الاشعة السينية المتفلورة (XRF) التي تقوم بتحديد العناصر الرئيسة والثانوية والنزرة الموجودة في الصخرة ؛ ومقارنة العناصر الكيميائية لاسيما النزرة مع الصخور المصدرية في محاولة لتحديد المناطق المنقولة منها والتعرف على طرق التجارة البرية ، الى جانب التبادل الثقافي بين المواقع الآثارية والمناطق المصدرية . 
الدولوستون : تم العثور على بعض الادوات الحجرية المكونة من الدولوستون ، الذي يتكون من كاربونات المغنيسيوم وكاربونات الكالسيوم ، في الهضبة الجنوبية ، غرب مدينة السماوة . ويقدر عمر هذه الادوات الى العصور الحجرية القديمة . وهذه المنطقة بحاجة الى مسوحات آثارية تفصيلية .
الاحجار الكريمة : استعملت الاحجار الكريمة من قبل الانسان القديم منذ الاف السنين في المجوهرات والزينة والحلي لانها تعطي لحاملها الوجاهة ، والاعجاب ، ومحط انظار المجتمع ؛ لجمالها الاخاذ ، والوانها الزاهية ، وندرتها في الطبيعة . وكانت رمزا من رموز السيادة والسمو ومن مظاهر التفاخر والجاه ويلبسها الملوك ، والاثرياء ، ورجال الدين. والاحجار الكريمة هي قطع من المعادن المتبلورة ، وبعد قطعها وصقلها يمكن استعمالها في الحلي والجواهر والزينة مثل الماس والكوارتز (المرو او البلور) ،  وبعضها على شكل صخور او معادن مثل : الماس ، والزمرد ، والياقوت ، والزبرجد ، واللازورد ، والعقيق وغيرها ، وبعضها على شكل مواد عضوية مثل : الكهرب ، والمرجان ، واللؤلؤ . ومن اهم صفاتها الجمالية هي اللون ، والبريق ، واللمعان ، والتماسك ، والصلادة . نظرا لعدم وجود مصادر قريبة للاحجار الكريمة داخل بلاد ما بين النهرين ، لذلك قام  تجار بلاد ما بين النهرين باستيرادها من مصادرها من البلدان المجاورة. وبعد دراسة الاحجار من ناحية المكونات المعدنية والعناصر الكيميائية ، يمكن التوصل الى المصادر المتوقعة لها ، وبعد ذلك تحديد طرق التجارة البرية والبحرية التي تعكس التبادل التجاري والثقافي والعلاقات السياسية بين دول المصدر وبلاد مابين النهرين .  
الفخار : يصنع الفخار وطابوق البناء من مواد طينية وغرينية ، ويمكن دراسة المكونات المعدنية للفخار بواسطة المجهر المستقطب بعد تحضير الشرائح الرقيقة ، واستعمال الاشعة السينية الحائدة (X- Ray Difraction) لتحديد المكونات والاطوار المعدنية ، وكذلك اجراء التحاليل الكيميائية باستعمال الاشعة السينية المفلورة (X-Ray Fluorescent) لتحديد العناصر الرئيسة والثانوية والنزرة المكونة للفخار ، ومقارنة ذلك بين انواع الفخار للادوار او المراحل التاريخية التي ظهر فيها وبيان الاختلافات بينها الى جانب تحديد تقنيات تحضير الفخار ، والحرارة المستعملة ، والمواد المضافة ، والمواد الاولية المستعملة وغيرها . 
القير : استعمل الانسان القديم ، وفي عصور مبكرة ، مادة القير لقرب مصادر تجهيزها في المناطق القريبة من مدينة هيت ، وامكانية نقلها بواسطة نهر الفرات الى مدن مابين النهرين الجنوبية مثل تل العويلي ، واور ، واوروك ، واريدو وغيرها ، ولصفاته الفيزيائية التي تساعد في تحويله من حالة صلبة الى سائلة ، ولسهولة تشكيله واستعماله . واستعمل القار ، في العصور الحجرية الحديثة لمنع تسرب المياه من الجرار ، والاواني الفخارية ، وحفر التخزين ، ومادة لاصقة للفخار ، وفي بلاد ما بين النهرين ، كمادة رابطة في البناء (برج بابل ، والجنائن المعلقة ، وتبليط شوارع بابل) ؛ وفي الحمامات ، وطلاء الزوارق ، وعلاجا طبياً كمطهر ومبيد حشري . واليوم يستعمل جهاز كروماتوغرافي الغاز لوحده ، او مع جهاز الطيف الكتلي ، وكيمياء النظائر لتحليل مكونات القار وتحديد المناطق المصدر ، وطرق التجارة القديمة . 
التضاريس : لوحظ في المناطق الغربية من العراق وجود شواهد اثارية موجودة في مناطق تضاريس مرتفعة نسبياً عن المناطق المجاورة لها . وتم اختيار هذه المواقع لقربها من الماء ، والغذاء ، ومواد البناء ، الى جانب توفير الحماية من الاخطار الطبيعية المتوقعة ، او من اي عدوان خارجي محتمل ،  وامكانية الدفاع عن الموقع . وربما يمثل الموقع سكن لاشخاص مهمين ، او مناطق دفاعية ، او مركز ديني للعبادة ، او موقع مراقبة للقوافل البرية القادمة والمغادرة من الموقع ، او غير ذلك . 
البيئة النهرية : تعد البيئة النهرية من اهم البيئات التي نشأت قربها الحضارات القديمة ، وانتشرت فيها او بالقرب منها المواقع الآثارية ؛ لانها توفر الاحتياجات اليومية للانسان مثل توفير مياه الشرب والغسيل ، ومياه سقي المزروعات والماشية ، والنقل النهري . وربما تكون الانهار احد المخاطر الطبيعية في موسم الفيضان ، فعند ذلك يفكر الانسان في كيفية الوقاية من هذه المخاطر . والبيئة النهرية تتكون من البيئات الثانوية الاتية : القناة ، والسداد الطبيعية او الضفاف ، والسهل الفيضي ؛ ولكل منها وظيفة يستفيد منها الانسان . ونهري دجلة والفرات ، لاسيما في وسط وجنوبي العراق ، تصنف على انها انظمة انهار التوائية . والتواء النهر يتكون من ضفتين ، احدهما وهي المحدبة تكون منطقة ترسيب ، والضفة الثانية تكون منطقة تجوية او تآكل ، و قد تغير مجاريها عبر الزمن ؛ لذا من المتوقع وجود مجاري قديمة للانهار وعلى جوانبها الكثير من المواقع الآثارية المهمة .    


Comments are disabled.