يصنف العراق على انه خامس دولة معرضة في العالم لتغير المناخ، من ناحية ارتفاع درجات الحرارة وقلة الامطار والملوحة اضافة الى التصحر والعواصف الترابية التي تضرب البلاد اذ يعتبر الجفاف أحد العوامل المهمة في انحسار الأراضي الزراعية وانخفاض كميات المحاصيل الزراعية الاقتصادية. فضلا عن عوامل التعرية والتغير المناخي في السنوات الأخيرة من عواصف رملية وقلة سقوط الامطار خصوصا في المناطق الوسطى والجنوبية إضافة الى ذلك سوء إدارة الموارد المائية على الصعيد الفني سببا الى انحسار مناسيب المياه بشكل كبيرة.
ان العراق وخصوصا في المناطق التي تقع خارج المناطق الجبلية في الشمال والشمال الشرقي يتسم بمناخ جاف في اغلب أيام السنة. مع ندرة سقوط الامطار واعتمادها بشكل كبير على المياه السطحية المتمثلة بنهرين الفرات ودجلة التي تأتي منابعها من الدول المجاورة من تركيا بشكل أساسي ومن سوريا وإيران. اذ تقل معدلات سقوط الامطار لتصل الى 150 مليمتر سنويا مصاحبه بارتفاع عالي في معدلات التبخر. إضافة الى ذلك قلة المساحة السطحية للمياه في الأنهار والبحيرات والخزانات لتصل الى مستويات حرجة خلال فصل الصيف. يقطع نهر الفرات مساحة تقدر بـ 37500 كيلومتر مربع داخل العراق، ويمتد على طول 450 ألف كيلومتر مكعب حيث تسيطر تركيا على حوالي 88% منه بينما تسيطر سوريا على حوالي 12% من نهر الفرات. بينما مساحة نهر دجلة بلغ طول مجرى النهر حوالي 1,718 كيلومتر ومعظم مجراه داخل الأراضي العراقية بطول يبلغ حوالي 1400 كيلو متر بنسبة تقدر 61% منه داخل الأراضي العراقية بينما نسبته في تركيا تقدر بحوالي 31% وسوريا 5%. مقارنة مع المساحة التي يقطعاها في تركيا التي تبلغ فان حصة الفرد العراقي من المياه اعلى من بقة الدول ومع هذا فان العراق هو اقل الدول في حصول على حصته من المياه العذبة. في المناطق الشمالية أثر الجفاف على شمال العراق منذ أوائل عام 2021 من انخفاض مستوى سقوط الامطار، في حين شهدت محافظات الجنوب انخفاضا في إمدادات المياه وجودتها لعدة سنوات. ومنذ ذلك الحين، انخفض إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية، مما أثر على المجتمعات الضعيفة التي تأثرت بالنزاع والنزوح على مدى السنوات العديدة الماضية. وقد تضرر ما لا يقل عن سبعة ملايين شخص في العراق من الجفاف في الآونة الأخيرة.‏
ان انحسار الأراضي الزراعية كان سببا في هجرة السكان من المناطق الزراعية الى المدن ممن أدى الى انخفاض في كميات المحاصيل الزراعية المهمة وبالتالي حصول عجز عن سد الطاقة الاستيعابية للأعداد المتزايدة من النمو السكاني حيث واجهت المجتمعات في جميع أنحاء العراق خسائر مدمرة في محاصيلها وماشيتها ودخلها. فالأطفال يأكلون أقل، والمزارعون والنازحون هم الأكثر تضررا. اجر المجلس النرويجي للاجئين في العراق في تشرين الثاني تقييما لتأثير الجفاف على الإنتاج الزراعي في موسم 2020-2021 حيث تم مسح أكثر من 2800 اسرة في المجتمعات الزراعية في محافظات الانبار والبصرة ودهوك وكركوك ونينوى وصلاح الدين وذي قار التي تضم حوالي 1500 عائد بين المستجيبين 300 منهم نازح داخلي. من ناحية اقتصادية فان انخفاض الإنتاج السنوي بشكل عام من المزروعات والاغنام اثر سلبا على الطبقة العاملة بالمجال الزراعي انخفاض بمستوى الدخل الشهري و اقتصاد الدولة بشكل أوسع حيث يؤدي ذلك الى زيادة كميات المستورد بدلا من الاعتماد على الإنتاج المحلي.
م.م. علي كامل
قسم النبات والبيئة

Comments are disabled.