تسعى المرأة للحصول على حقوقها الأساسية التي تُمكنها في المجتمع، وتجعلها قادرة على إدارة حياتها، ولا سيما بعد ان اصبحت المراة تشكل ما يُقارب نصف سكان العالم، لذلك اصبح لزاما من باب الانصاف الحصول على استقلاليتها، وتمتعها بفرص في حياتها الاجتماعية والعملية مساوية لتلك الفرص التي يحصل عليها الرجال، وذلك ما يُطلق عليه المساواة بين الرجل والمرأة، ولا يعني هذا المفهوم أن يصبح الجنسين سواء في كل شيء، ولكنه يهدف إلى إزالة العوائق في طريق تحقيق المرأة لذاتها، وإلغاء فكرة التمييز وإعطاء الفرص بناء على الجنس، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على تحديد ومعالجة اختلالات توازن القوى بين الجنسين، وتمكين المرأة في عملية صنع القرار سواءً على المستوى الخاص أو العام وعدم حصره في يد الرجال.
ان المرأة في مختلف أنحاء العالم تتعرض للإقصاء الاقتصادي أكثر من الرجل، ومن جهة أخرى فإن الأعراف الاجتماعية تؤثر سلبا على عمل المرأة وذلك بسبب فرض الطريقة التي تمضي بها وقتها والاستخفاف بقدراتها، إضافة إلى التمييز القانوني الذي يشكل عقبة عامة أمام عملها، اذ لابد من المساواة بين الرجل والمرأة لأنه يحقق العديد من النتائج الإيجابية من الناحية الاقتصادية، إذ إن النمو الاقتصادي تتصاعد وتيرته بشكلٍ أسرع، ويُصبح النشاط الاقتصادي أكبر عند تسهيل وصول المرأة لخدمات النقل والبنية التحتية، كما يُساعد تعليم المرأة في المناطق الريفية على زيادة الإنتاج الزراعي والقضاء على الفقر في تلك المناطق، نظرا لأن المزارعات يُشكلن نسبة كبيرة من فقراء هذه المناطق.
وقد تعكس الفجوات بين الجنسين في التنمية البشرية عدم تكافؤ الرجل والمرأة في الحصول على الفرص، وفي منطقة الدول العربية، يتضح هذا بشكل خاص في النظم القانونية للبلدان التي لا تمنح النساء والفتيات نفس الحقوق والوصول إلى العدالة مثل الرجال والفتيان، وبالتالي، تسهم القوانين غير المتكافئة وممارسات تنفيذ القانون في عدم التمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء والفتيات، مما يعيق التنمية البشرية والنمو الاقتصادي في المنطقة، ورغم الأدلة القوية التي تظهر مركزية دور تمكين المرأة في خفض نسب الفقر، وتحقيق التنمية، ومجابهة التحديات العالمية الأكثر إلحاحاً، تظل المساواة بين الجنسين وعداً لم يتم الإيفاء به حتى يومنا هذا.
وعلى هذا الاساس أصبحت المساواة بين الجنسين جزءًا من القانون الدولي لحقوق الإنسان بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، وقد أقرت تلك الوثيقة البارزة في تاريخ حقوق الإنسان بأن “جميع البشر يولدون أحرارا متساوون في الكرامة والحقوق وأن لكل فرد الحق في جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان، دون تمييز من أي نوع، مثل العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو المولد أو أي وضع آخر.
ويجب الاخذ بعين الاعتبار إن الأدوار التي يقوم بها الرجال والنساء في المجتمع غير محددة بيولوجياً، وإنها محددة اجتماعياً، وهي متغيرة أو قابلة للتغيير، ورغم محاولات تبرير هذه الأدوار من البعض باعتبارها مقتضيات ثقافية ودينية، إلا أنها تتباين بصورة كبيرة، حسب المكان، وتتطور عبر الزمن. إن الجهود الرامية لتعزيز تمكين المراة، يجب أن توازن بين احترام المعايير الثقافية دون انتهاك حقوق النساء والفتيات.
لذلك يتطلب التعزيز الفاعل للمساواة بين الجنسين أيضا الاعتراف بأن هناك تنوع في الأدوار التي تقوم بها النساء وفقاً للعمر والوضع الاجتماعي والموقع الجغرافي والمستوى التعليمي فواقع حياتهن والخيارات المتوفرة لديهن تتفاوت بصورة كبيرة.
لجنة تمكين المرأة في المركز
ا.م.د. هناء هاني عبد الحسين
ا.م.د. خنساء رشيد مجيد
م.م. نور حسين يوسف