يعد الفقر ظاهرة اجتماعية متعددة الأبعاد، إذ إن الفقر يتضمن آثاراً تزيد عن النقص في الدخل والموارد الإنتاجية الضرورية لتأمين سُبل العيش المستدامة إلى مظاهر أخرى في المجتمعات، منها: الجوع، وسوء التغذية، ومحدودية الوصول إلى التعليم، وعدم الحصول على كافة الخدمات الأساسية، والتمييز الاجتماعي، والاستعباد.
فالفقر ظاهرة معقدة وحقيقة راسخة ومستشرية وهناك قرابة نصف سكان العالم يعيشون على أقل من دولارين في اليوم آما أن هناك أثر مليار شخص يكابدون العيش بأقل من دولار واحد في اليوم بل إن هناك تحديا أقوى يكمن فيما يمكن أن تكشف عنه القياسات الإحصائية ومنها أن الفقر يولد شعورا متناميا بقلة الحيلة والمهانة وعدم القدرة على التفكير أو التخطيط أو الجنوح بالخيال إلى ما يتجاوز واقع الكفاح اليومي لمجرد البقاء .
لكن الفقر له وجه آخر فالناس الذين يعيشون في ظروف من الحرمان المادي يستمدون قدرتهم من ذخيرة هائلة من الشجاعة والأصالة والإصرار والمثابرة والتكافل لكي تدور طاحونة البقاء ورغم ذلك، فإن معظم الناس الذين يعيشون في حالة من الفقر لا ينعمون بشبكات أمان ولا يحظون إلا بالنزر اليسير من دعم الدولة. إن مجرد التصدي للفقر هو دليل على قدرة النفس البشرية على توقي الصدمات وعلى طاقاتها المبدع ويمكن القول بشكل أو بآخر إن هؤلاء العمال الفقراء هم منظمو المشاريع الحقيقيون.
الفقر من الأسباب الكبرى لحركة التاريخ
اعتبر كارل ماركس أشهر الاشتراكيين، أن تاريخ الإنسان هو تاريخ الصراع بين من يملك في مقابل من لا يملك أي بين الأغنياء والفقراء يذهب البعض للاعتقاد أن الرسالات السماوية ثورات فقراء أو مضطهدين سياســيا واجتــماعيا كما يعتبر البعض أن دراسة التاريخ تظهر الفقر كأحد الأسباب الكبرى التي حركت الثورات في المجتمعات لكن الفقر المدقع يسحق الإنسان ويستعبده. المطلوب معالجة الفقر الذي يؤثر سلبا على مستوى البلدان التنموي ونجاحها، بوضع سياسات، تربوية واجتماعية وضريبية للتخفيف من الفقر واللامساوة .
اسباب الفقر
أسباب السياسية
تؤثر العوامل السياسية على زيادة الفقر في العالم إذ تسبّب الاستعمار باستنزاف ثروات بعض البلاد الغنية، والاستحواذ على أراضيها وممتلكاتها، وتكريس الجهل والأمّية فيها، ومن العوامل السياسية الأخرى الحروب والنزاعات الداخلية والخارجية، والتي تُؤدّي إلى تخلّف الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى فساد بعض الحكومات، ممّا يُؤدّي لخلق حالة من عدم المساواة الاجتماعية، والتفاوت في الدخل، وقلّة الحوافز، والحدّ من فُرص الأفراد، وخياراتهم، وحرّياتهم .
أسباب الاجتماعية
يظهر الفقر في المجتمعات بسبب مجموعة من العوامل منها انعدام المساواة والعدل بين أفراد المجتمع في الخدمات المختلفة المُقدّمة لهم، والتمييز بين أفراد المجتمع الذي ينشأ بسببه نظام طبقي يُؤدي إلى الحد من مشاركة جميع فئات المجتمع، ومن أهم الأسباب الاجتماعية للفقر زيادة عدد السكان في المنطقة، ويرجع ذلك إما بسبب النمو السكاني الذي يُصبح أعلى من معدلات الناتج المحلي الإجمالي، أو بسبب هجرة الأفراد من الريف إلى المدينة بسبب الأوضاع البيئية الصعبة فيها، مما يُساهم في زيادة الضغط على الموارد المختلفة .
الأسباب الاقتصادية
وجود خلل في النظام الاقتصادي العالمي , وذلك عن طريق عدم استغلال الموارد والإمكانات الطبيعية المُتوفرة وفشل السياسات التنموية في معظم الدول النامية والتوزيع غير العادل للدخل والثروات وارتفاع معدلات البطالة الأزمات الاقتصادية الديون الخارجية للدول الخصخصة وأثرها السيء على الفئات الفقيرة والمتوسطة .
ترابط الفقر مع حقوق الانسان
يبرز ترابط وثيق بين الفقر وحقوق الإنسان ومنها الحق في الغذاء والضمان الاجتماعي والحق في الغذاء الكافي هو حق أساسي من حقوق الإنسان، ومع ذلك مئات الملايين من الأشخاص لا يزالون يعانون من انعدام الأمن الغذائي. والفقر وتفاقم عدم المساواة من الأسباب الكامنة وراء انعدام الأمن الغذائي. كما يقوض الفقر الحقوق في الغذاء الكافي، وفي السكن، والصحة، والمياه المأمنة والتعليم وغيرها من الحقوق الأخرى أو يقضي عليها تماما حتى .
حماية الاجتماعية للفقر
بإمكان الحماية الاجتماعية أن تؤدي دورا أساسيا في الإعمال لتوفيرالحق في غذاء كاف للجميع فبرامج الحماية الاجتماعية تساهم في القضاء على الفقر والجوع من خلال تحويل الموارد إلى الأشخاص الذين يعيشون في فقر، وتمكينهم من توليد الدخل، وحماية أصولهم ومراكمة رأس المال البشري .
قبل تفشي كوفيد-19، عمت اضطرابات كبرى جميع أنحاء العالم، بسبب عدم المساواة وعدم احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغالبا ما لم يلحظ العمل في مجال التنمية والاقتصاد، اعتبارات حقوق الإنسان وكشف كوفيد-19 عن هشاشة معظم الاقتصادات، حيث تسببت الجائحة بسقوط ملايين الأشخاص في براثن الفقر.